أيها الجالس في الحانوت!

أيها الجالس في الحانوت!

يا أخي الجالس في الحانوت، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه كلمات ومشاعر أخوية؛ فأرجو أن تقبلها؛ ولا يصدنك عنها صراحتها؛ فإنها من معين الأخوة خرجت، ومن أجل الله كتبت.

أيها الجالس في الحانوت! هل أيقنت أنك ستموت!.

إن قلت: نعم. قلت لك: وما الدليل؟.
قد تقول: أتصدق.

فأقول لك: وهل أطبت مكسبك؟!.
أو هل تورعت عن الحرام وعن الشبهات، قبل التفكير في الصدقات؟!.

وإن قلت: الدليل هو أنني لا أطلب المال لذاته.

أقول لك: وما الدليل أيضا على هذه الدعوى؟.
كثير هم الذين يدعون هذه الدعوى، لكن إذا نظرت في سيرتهم وجدت أن الوسيلة قد شغلتهم عن الغاية، أو أن الوسيلة أصبحت في نظرهم غاية؛ فأصبحوا يجمعون المال لذات المال، وينسون يوم المآل؛ فقبح الله أولئك الرجال.

أيها الجالس في الحانوت، إما أن تملك المال، أو يملكك المال!.

أيها الجالس في الحانوت، أعيذك بالله أن لا تكون بائعا يراعي شرف التجارة والبيع الحلال؛ فتتحول إلى لص مخادع يترصد لإخوانه في حانوته!.

أيها الجالس في الحانوت، لا بأس أن تجلس في الحانوت، بل قد يجب.

لا بأس أن تجلس في الحانوت، لكن الكذب حرام.
لكن الغش حرام.
لكن الخديعة حرام.
لكن الجشع حرام.
لكن الأنانية حرام.
لكن المادية حرام!.

أيها الجالس في الحانوت، لا تنس أنك ستموت!.
أيها الجالس في الحانوت، لا بأس أن تجلس في الحانوت، لكن عليك أن لا تبيع آخرتك بدنياك!.

لا بأس أن تجلس في الحانوت، لكن عليك أن تعلم أن رزقك مضمون، وأما مستقبلك في الآخرة؛ فهو بسيرتك وبعملك مرهون!.

لا بأس أن تجلس في الحانوت، لكن عليك ألا تبيع مستقبلك بحاضرك!.

لا بأس أن تجلس في الحانوت، لكن عليك ألا تبيع مودتك ومحبتك للناس بالدنيا!.

لا بأس أن تجلس في الحانوت، لكن عليك ألا تبيع ما بينك وبين الناس من علاقة وأخوة بالعلاقة بينك وبين الدنيا والدرهم والدينار!.

لا بأس أن تجلس في الحانوت، لكن عليك ألا تبيع الفضائل ومكارم الأخلاق بمساويء الأخلاق وسوء المعاملة!.

أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!.
أتبيعون الباقي بالفاني!.
 

إننا لو فكرنا تفكيرا سديدا؛ لأدركنا أنه من غير المقبول أن يغش الإنسان الإنسان.

يا أيها الأخ الجالس في الحانوت، إنه -والله- من العار على المسلم أن يغش أخاه المسلم!.

وكيف يغش المسلم أخاه المسلم؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا".

يا أخي! يا أخي! ليتك تتمهل قليلا، قبل أن تبيع؛ فتحاسب نفسك على أمر المكسب والخسارة الحقيقيين.

يأتيك المشتري؛ فتغشه أو تظلمه، وقد يكون أتقى لله منك!.

يأتيك المشتري؛ فتغشه أو تظلمه، وقد يكون وليا من أولياء الله!.

يأتيك المشتري؛ فتغشه أو تظلمه، وقد يكون فقيرا أو مسكينا، الأولى به مساعدتك ومساندتك له، لا ظلمه أو انقضاضك عليه أو على جيب
هذا المسكين!.

لا أقول لك: تصدق عليه؛ لأنه مسكين؛ لكن بين الظلم والصدقة درجة أو درجات!.

يمكن-إذا كنت قادرا-أن تبيعه برأس المال، ويمكن أن تبيعه بمكسب معقول، لا إجحاف فيه.

ضع نفسك في مكان أخيك المشتري، وضع أخاك المشتري في مكانك؛ فما تتمنى أن يعاملك به في هذه الحال فعامله به؛ فإن هذا هو الإنصاف والعدل في المعاملة!.

أما أن يكون لك نظرتان متعاكستان، تتعامل بهما؛ بين أن تكون بائعا، أو أن تكون مشتريا فهو منطق المطففين الذين توعدهم رب العالمين سبحانه؛ فهل ترضى أن تكون منهم!.

لو أحب كل إنسان لأخيه مثل ما يحب لنفسه؛ لصلح أمر الناس!.

لو عامل كل إنسان أخاه بمثل ما يحب أن يعامله به؛ لصلح أمر الناس!.

لو صدق كل إنسان؛ لصدق كل إنسان؛ ولصلح أمر الناس!.

*قلت مرة في نفسي:
والله لو كلفت بعمل إحصائية للناس، لحذفت منهم الكذابين والغشاشين والخونة.

*يبدو من بعض التجار والباعة أنهم في الحقيقة لا يبيعون البضاعة، وإنما يبيعون أخلاقهم ودينهم ومروءتهم بثمن بخس هو الدنيا-مهما عظمت!. وكم ترى الواحد منهم بعد جمعه للمال الحرام- ويروي شيئا من شهوة جمع المال لديه؛ فيجد أن ذلك شيء تافه- فيتأسف، ويبحث عن طريق التوبة والأوبة-بعد أن ظلم الناس وظلم نفسه؛ فيا ليته اختصر الطريق منذ البداية، وجعل مكان تلك المعاصي طاعة وقناعة!.
 
#عبدالله_الرحيلي
_______________
اسعد الله ايامكم بكل خير.

Http://telegram.me/alomariali
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة