بر الوالدين بعد موتهما صلة أقاربهما وأصدقائهما

*بر الوالدين بعد موتهما* *صلة أقاربهما وأصدقائهما*

وعن ابن عمر، أنه مر به أعرابي في سفره، وكان الأعرابي صديقا لعمر، فقال الأعرابي: ألست فلان بن فلان؟ قال: بلى.
فأمر له ابن عمر بحمار يستعقب به، ونزع عمامته عن رأسه فأعطاه إياها، فقال بعض من حضر: أما يكفيه درهما؟ فقال ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (احفظ ود أبيك، لا تقطعه فيطفئ الله نورك) .

وعن نافع، قال: قدم أبو بردة المدينة، فأتاه ابن عمر رضي الله عنه، فسلم عليه، فدخل عليه فسأله؟ فلما أراد أن يقوم، قال: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إن من أبر البر من بر أباه بعد موته بصلة ود أبيه) وأن أبي كان لأبيك وادا، فأردت أن أبرك بصلتي إياك.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (من أراد أن يبر أباه في قبره، فليصل إخوان أبيه من بعده) .

*زيارة قبرهما*

عن أبي هريرة؛ قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله وقال صلى الله عليه وسلم: (استأذنت ربي عز وجل أن أزور قبرهما فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي) .

وعن عائشة رضي الله عنها، عن أبيها، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (من زار قبر والديه أو أحدهما يوم جمعة، فقرأ يس غفر له) .

وعن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (من زار قبر أمه، أو قبر واحد من قرابته، كتبت له حجة مبرورة، ومن كان زوار لهما حتى يموت زارت الملائكة قبره) .

وعن عثمان بن سودة، وكانت أمه من العابدات يقال لها: راهبة، قال: فلما احتضرت رفعت رأسها إلى السماء، فقالت: يا ذخري وذخيرتي عند الموت، لا توحشني في قبري.

قال: فماتت، كنت آتيها عند القبر كل جمعة أدعو لها، وأستغفر لها ولأهل القبور. فرأيتها ذات ليلة في منامي، فقلت: يا أماه، كيف أنت؟ قالت: يا بني أن للموت لكربة شديدة، وأنا بحمد في برزخ محمود، نفترش فيه الريحان، ونتوسد السندس والاستبرق إلى يوم النشور.

قلت: ألك حاجة؟ قالت: نعم، لا تدع ما أنت عليه من زيارتنا والدعاء لنا، فإني لأبشر بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت، يقال: يا راهبة هذا ابنك قد أقبل من أهله زائرا لك، فأسر بذلك، ويسر به من حولي من الأموات.

ولله در القائل إذ قال وأجاد:

ذر قبر والديك وقف على قبريهما
... فكأنني بك قد نقلت إليهما

لو كان حيث هما وكانا بالبقا
... زارك حبوا على قدميهما

إن كان دينهما أظلك طالما
... منحاك محصن الود من نفسيهما

ما هن إلا أبصرا بك علة
... جزعا لما تشكو وشق عليهما

ما هن إذا سمعا أنينك أسبالا
... دمعيهما أسفا لما تشكو وشق عليهما

وتمنيا لو صار مسالك راحة
... بجميع ما يحويه ملك يديهما

فلتلحقهما غدا أو بعده
... حتما كما لحقاهما أبويهما

ولتقدمن على فعالك مثلما
... قدماهما أيضا على فعليهما

طوباك لو قدمت فعلا صالحا
... وقضيت بعض الحق من حقيهما

وسهرت تدعو الله يغفر عنهما
... وأطلت في الصلوات من ذكريهما

وقرأت من آي الكتاب بقدر ما
... تستطيعه وبعثت ذاك إليهما

وبذلت من صدقات مالك مثل ما
... بذلا هما أيضا على أبويهما

فاحفظ حفظت وصيتي واعمل بها
... فعسى تنال الفوز من بريهما

وعن الفضل بن موقف، قال: (كنت آتي قبر أبي كثيرا، فشهدت جنازة، فلما قبر صاحبها تعجلت لحاجة ولم آت قبر أبي، فرأيته في المنام، فقال: يا بني، لم لم تأتني؟ فقلت: يا أبت وأنك لتعلم بي؟ قال: (أي والله، وأنك لتأتيني فما أنظر إليك حين تطلع من القنطرة حتى تقعد إلي، وتقوم من عندي، فما أزال أنظر إليك موليا حتى تجوز القنطرة) .

*المرجع بر الوالدين لابن القيم الجوزية رحمه الله واسكنه فسيح جناته* 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة