أطلب العلم
(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)
[سورة طه 114]
إِذا كُنْتَ أَيُّهَا الأَخُ تَرْغَبُ فِي سُمُوِّ الْقَدْرِ وَنَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَارْتِفَاعِ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْخَلْقِ، وَتَلْتَمِسُ عِزًّا لَا تَثْلِمُهُ اللَّيَالِي وَالأَيَّامُ وَلا تَتَحَيَّفُهُ الدُّهُورُ وَالأَعْوَامُ، وَهَيْبَةً بِغَيْرِ سُلْطَانٍ، وَغِنًى بِلا مَال، ومنعة بِغَيْرِ سِلاحٍ، وَعَلاءً مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةٍ، وَأَعْوَانًا بِغَيْر أَجْرٍ، وَجُنْدًا بِلا دِيوَانٍ وَفَرْضٍ، فَعَلَيْكَ بِالْعِلْمِ، فَاطْلُبْهُ فِي مَظَانِّهِ، تَأْتِكَ الْمَنَافِعُ عَفْوًا، وَتَلْقَ مَا يعْتَمد مِنْهَا صَفْوًا، وَاجْتَهِدْ فِي تَحْصِيلِهِ لَيَالِيَ قَلائِلَ، ثُمَّ تَذَوَّقْ حَلاوَةَ الْكَرَامَةِ مُدَّةَ عُمْرِكَ، وَتَمَتَّعْ بِلَذَّةِ الشَّرَفِ فِيهِ بَقِيَّةَ أَيَّامِكَ، وَاسْتَبْقِ لِنَفْسِكَ الذِّكْرَ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِكَ...
قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال:فَإِذا كَانَ الْعلم مؤنسا فِي الْوحدَة، ووطنا فِي الغربة، وشرفا للوضيع، وَقُوَّة للضعيف، ويسارا للمقتر، ونباهة للمغمور حَتَّى يلْحقهُ بالمشهور الْمَذْكُور، كَانَ من حَقه أَن يُؤثر على أنفس الأعلاق، وَيقدم على أكْرم العقد، وَمن حق من يعرفهُ حق مَعْرفَته أَن يجْتَهد فِي التماسه ليفوز بفضيلته.فَإِن من كَانَت هَذِه خصاله، كَانَ التَّقْصِير فِي طلبه قصورا، والتفريط فِي تَحْصِيله لَا يكون إِلَّا بِعَدَمِ التَّوْفِيق، وَمن أقصر عَنهُ أَو قصر دونه، فليأذن بخسران الصَّفْقَة، وليقر بقصور الهمة، وليعترف بِنُقْصَان الْمعرفَة، وليعلم أَنه غبن الْحَظ الأوفر، وخدع عَن النَّصِيب الأجزل، وَبَاعَ الأرفع بالأدون، وَرَضي بالأخس عوضا عَن الْأَنْفس، وَذَلِكَ هُوَ الضلال الْبعيد.
أعلانا الله عز وَجل وَإِيَّاكم مِنَ الْجَهْلِ وَالرِّضَى بِهِ، وَتَقْرِيبِ أَهْلِهِ وَاسْتِحْسَانِ حَالهم مِنْهُ، وَنَفَعَنَا بِمَا عَلِمْنَا وَجَعَلَهُ حُجَّةً لَنَا لَا علينا.....
تعليقات
إرسال تعليق