منهاج علم الاخلاق الاسلامية 2
منهاج علم الاخلاق الاسلامية
أولاً: أن تكون البداية من الإسلام
وذلك بأن نجعل أرضية دراستنا هي الإسلام نفسه، فكل دارس لقضية من القضايا أو لمشكلة من المشكلات الفكرية المتصلة بحياتنا بدرجة أكثر وأكبر ينبغي له أن يعالجها من وجهة النظر الإسلامية بادئا بالبحث عن الحل في
النصوص الإسلامية أي: في القرآن والسنة أولا، وعندما نحاول إبراز رأي الإسلام أو اتجاهه في قضية من القضايا الفكرية يجب أن نلجأ إلى الإسلام أولًا لا إلى الفلاسفة المسلمين وآثارهم؛ لأن الإسلام شيء وهؤلاء وآثارهم شيء آخر، فهم لا يمثلون بآرائهم الإسلام وآراءه؛ ولأنهم قد يخطئون أحيانًا، وقد يسيئون إلى الإسلام عن عمد، وقد حصل هذا وذاك فعلًا( ) ثم أنهم حاولوا أن يفهموا الإسلام في إطار المشكلات الفكرية والثقافية ومشكلات الحياة العملية التي اعترضتهم في حياتهم من حين إلى آخر، فلماذا لا نحاول نحن أيضًا عن قصد وعزم أن نفهم الإسلام نفسه، وأن نعمل لحل مشكلاتنا المعاصرة في ضوء فهمنا له، ولماذا نتخذهم ملجأ لنا؟ ولماذا نأخذ الإسلام منهم، وهل فُقد الإسلام من بين أيدينا؟ والحقيقة أننا بذلك نجعل آراءهم في الإسلام كالإسلام نفسه ونغفل عن المنبع الحقيقي ونتخذهم وسطاء، وكأننا لا نستطيع أن نصل إلى ما وصلوا إليه، وكأننا لسنا مزودين من قوة الإدراك والتعقل بمثل ما تزودوا به ولا سيما في العصر الذي يختلف عن عصرهم، وتجددت لدينا مشكلات لم تكن موجودة في وقتهم.
ثانيا: أن نفهم موضوعات الفلسفة الإسلامية بالفلسفة الإسلامية نفسها، وتحقيق هذه النقطة يتطلب ثلاثة أمور:
▪الأمر الأول: أن ندرس المبادئ الإسلامية من جديد عن طريق نصوصها بعيدًا عن الأفكار الفرقية والمذهبية والحزبية على أن يكون الهدف الأساسي هو الوصول إلى الفهم الصحيح للإسلام ومبادئه.
▪الأمر الثاني: ألا نحاول فهم الإسلام بالآراء الفلسفية؛ لأن هذا الفهم يعتبر فهمًا من الخارج لا من الداخل، والذين حاولوا ذلك قد أدت محاولتهم إلى تشويه جوانب كثيرة من حقائق الإسلام ولا سيما هؤلاء الذين اعتنقوا بعض النظريات الفلسفية ثم حاولوا أن يفرضوها على الإسلام فرضا.
ويمكن أن نقسم هؤلاء الذين حاولوا فهم الإسلام من الخارج إلى ثلاث فرق أو جماعات:
*/نفر اعتنقوا المبادئ الفلسفية ثم لما وجدوا أن الإسلام يعارضها أو أنها تتناقض معه حاولوا التوفيق بينها وبين المبادئ الإسلامية، وفي محاولتهم هذه ساروا في ثلاث اتجاهات:
*اتجاه يخضع الإسلام للفلسفة، *والآخر يخضع الفلسفة للإسلام *والثالث يوفق بينهما،
ولكل مساوئ، وإن كانت مساوئ كل اتجاه تختلف عن مساوئ الآخر بدرجة قليلة أو كثيرة.
*/والنفر الثاني اخترعوا أفكارًا من عند أنفسهم ثم حاولوا أن يفرضوها على الإسلام، وذلك لإيجاد سند لها من الإسلام لتجد قبولًا لدى الجمهور.
*/والنفر الثالث حاولوا عمدًا دس الأفكار الغريبة على الإسلام بقصد تشويه روحه، وإثارة البلبلة في نفوس المسلمين، وقد استطاع هؤلاء فعلًا أن يؤثروا تأثيرًا كبيرًا في ناحية التشويه وخلق بلبلة وحيرة في نفوس الناس وعقولهم، وذلك عن طريق إدخال تلك المبادئ المتناقضة مع فلسفة الإسلام في الإسلام باسم الإسلام، فأصبح الإسلام بذلك متنقاضًا مع نفسه في نفوس كثير من الناس.
▪الأمر الثالث أن نفهم المبادئ الإسلامية الخاصة بموضوع معين في ضوء النظام الإسلامي كله، وألا نقتصر بقدر الإمكان في الحكم على القضايا من وجهة النظر الإسلامية على نص واحد؛ لأن هناك نصوصًا متعددة وردت بشأن هذه القضية، وكل نص أحيانًا يصور جانبًا من القضية أو يضع شروطًا وقيودًا للحالة التي يطبق فيها هذا المبدأ أو ذاك، إذن فإن تعدد النصوص يفيدنا من ناحيتين:
__ ناحية تصور الحقيقة من أطرافها،
__وناحية تطبيق المبادئ في الحياة العملية.
ثالثا: أن نحدد موقفنا من دراسات السابقين باتخاذها وسيلة من وسائل الفهم والتقويم
ولا سيما فيما يتعلق ببعض القضايا التي لا توجد فيها نصوص صريحة أو لا توجد نصوص قط، ولكن يجب ألا نتخذ دراستهم مأخذ القبول دائما، ولا نتخذها كذلك بداية نبدأ بها ولا نهاية ننتهي إليها، وإنما تكون واسطة بين البداية والنهاية، وهذه النقطة في غاية الأهمية ويجب أن يتنبه إليها دارسو الفلسفة الإسلامية أو التفكير الإسلامي عمومًا.
إذ إنهم يدرسون عادة فلسفة الفلاسفة المسلمين باسم الإسلام، فهم عندما يختارون موضوعات إسلامية والبحث في ميدان التفكير الإسلامي، يختارون موضوعات إسلامية عند واحد من هؤلاء الرجال، فيقولون مثلًا:
الأخلاق عند ابن مسكويه أو عند الغزالي أو مشكلة الحرية بين المعتزلة والأشاعرة وما إلى ذلك، وكأنهم يمثلون الإسلام أو هم الإسلام، فالأولى أن نختار موضوعات ونبحث عنها في الإسلام ونقول: مشكلة الحرية في الإسلام والأخلاق في الإسلام وما إلى ذلك.
والخطورة كل الخطورة أن نتخذ الفلسفة الإسلامية التقليدية بداية ونهاية، ولئن فعلنا فمعنى ذلك أننا ندخل أنفسنا في متاهات قد لا نستطيع أن نخرج منها، أو أننا ندخل أنفسنا في دراسة تشبه أن تكون حلقة مفرغة لا ندري أين طرفاها، وعلى أي حال سواء استطعنا أن نخرج منها أم لم نستطع فماذا نستفيد؟!
إن غاية ما قد نصل إليه هو أن نبطل رأيًا أو نرجح رأيًا على آخر، ولكننا نفقد كثيرًا من الجهد وربما انتهينا إلى شيء جديد لو استأنفنا البحث لحسابنا الخاص، ولو سلكنا هذا المسلك التقليدي لما خدمنا الفلسفة الإسلامية الحقيقية وإنما نكون قد خدمنا فلسفة هؤلاء الرجال، ولكن هل يليق بنا الآن أن نخدم الرجال ونترك خدمة الإسلام ونحن أشد حاجة إليه في العصر الحديث الذي نعاني فيه من مشكلات لم يجد لها رجال الفكر حلًّا مرضيًا بعد، ولماذا لا نلتجئ إلى الإسلام نفسه مباشرة ونلتمس منه الحل ونحاول إخراج كنوزه وإبراز شخصية فلسفته بين الفلسفات الأخرى ثم نحاول استخدامها في حل مشكلاتنا المعاصرة؟
رابعًا: أن يكون هدفنا الأساسي هو معالجة المشكلات الفلسفية المتصلة بحياتنا الراهنة
أريد المشكلات التي يعاني منها الناس جميعًا فنعالجها من زاوية الفلسفة الإسلامية الصافية ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، ولا مانع من أن نستعين من حين لآخر بدراسات السابقين واللاحقين إذا لم نجد في هذه الفلسفة نصوصًا لحل تلك المشكلات بشرط ألا تكون هذه المعالجة مخالفة لروح الإسلام وفلسفته العامة
خامسًا: أن نميز السنة التشريعية من السنة غير التشريعية عند معالجتنا تلك المشكلات.
فكثير من المسلمين وغير المسلمين لا يميزون بين نوعين من الأحاديث: نوع يحمل طابع الإلزام والتشريع، ونوع لا يحمل طابع الإلزام والتشريع
وهو يشمل الأحاديث التي تتعلق بحياة الرسول البشرية مثل حبه لبعض الأطعمة والأشربة ورغبته في بعض اللباس، وأقواله في الزراعة والتجارة والأدوية والأمور الطبية وما أشبه ذلك من الأحاديث التي لا تمت إلى الشريعة بمعناها العام.
ولقد أقر الرسول نفسه ما نقرره هنا في مسألة تأبير النخل فقال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم..فإنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر"، وقال: "فإن كان ينفعهم ذلك "تلقيح النخل" فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على الله" ،
وقال أيضًا عندما سألوه عن اختياره موقع الحرب في بدر: أهذا منزل أنزلكه الله أم هو الحرب والمكيدة، فقال: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة "
وكان قد نهى عن الغيلة في مبدأ الأمر بناء على كلام العرب أنه يضر الولد، ثم لما سمع أن الفرس والروم يغيلون ولا يضر لم يَنْهَ، فقال: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئًا"( صحيح مسلم جـ ٢ ص ٦٧ ١٠ "والغيل جماع المرأة أثناء الحمل أو الإرضاع" )، ومن قبل ذلك كان قد نهى بناء على ما سمع أنه يضر فقال: "لا تقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه" وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على صحة ما نقرر هنا.
فقال مثلا في القضاء أيضًا: "إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بضعكم يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صدق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها"
وإذا كانت هناك بعض نصوص تدل على تشريعية كل ما يصدر عن الرسول مثل: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)
[سورة النجم 3 - 4]
, فانها مخصصة في رأينا بالأحاديث السابقة وإلا كان هناك تناقض وهذا غير موجود في الإسلام، وصدق الله العظيم: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
[سورة النساء 82]
وتقرير هذه الفكرة له أهمية كبرى، ذلك أنه وسيلة للتخلص من كثير من المشكلات المتعلقة بالإسلام كان سببها الخلط وعدم التمييز بين نوعين من الأحاديث.
من هذه المشكلات اتهام بعض الدارسين الإسلام بأنه يخالف في بعض القضايا الحقيقة والعلم؛ لأن بعض أقوال الرسول التي أخبر بها عن بعض الأمور المتعلقة بشئون الحياة والطب لا تتفق مع ما يقرره العلم، ومنها أيضًا أن الإسلام لا يتلاءم مع العصر أو لا يساعد على تطور الحياة وتقدم المدنية؛
لأنه يقيد كل جوانب الحياة بما كانت عليه الحياة في عهد الرسول أو بمعنى خاص بحياة الرسول على ما كان عليه أكله ولبسه وشربه وأدوات تنقله وأكله في بيته؛
لأنه إذا كان ذلك شريعة فمخالفته مخالفة للإسلام وإذا كان الإسلام كذلك فإنه يدعو إلى الجمود والتأخر ولا يسمح بازدهار الحياة وتطورها، وتزمت بعض الناطقين باسم الإسلام في تلك الأمور، وتمسكهم في ضوء تلك الفكرة قد أدى إلى تشويه روح الإسلام في نظر كثير من المسلمين وغير المسلمين.
ولا ينبغي أن يفهم من تقرير هذه الفكرة أننا بذلك نريد إزالة بعض ما هو من الشريعة، بل الحقيقة أننا نريد أن نزيل من الشريعة الإسلامية ما ليس منها، ولا ينبغي أن نغفل أخيرًا خطورة هذا الموضوع إذ إنه -إذا ترك فوضى بدون قيد أو شرط- قد يفتح أمام المنحرفين بابًا لإلغاء حكم بعض الأحاديث المتعلقة بجانب التشريع بدعوى أنها ليس منه، ولذا ينبغي أن نكون على حذر تام عند تحديد وبيان كل نوع من هذين النوعين من الأحاديث.
سادسًا: التحقق من صدق النصوص الإسلامية التي نعتمد عليها في تقرير الأفكار.
وأقصد من النصوص هنا بصفة خاصة الأحاديث النبوية، ذلك أن ما يخطئ فيه كثير من الدارسين أنهم ينقلون نصوصًا من هذا النوع دون التحقق من صدقها وصحتها ويستخدمونها لمجرد أنها تخدم أغراضهم؛ أو لأن أحدًا من كبار الأئمة ذكرها في أحد مؤلفاته واستخدمها لغرض ما، ويغفلون أن بعض هؤلاء الأئمة قد وقعوا في الخطأ نفسه، ونذكر منهم على سبيل المثال الإمام الغزالي وابن عربي، فإن الغزالي مثلا يذكر بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة أحيانًا في مؤلفاته، وكذلك ابن عربي فإنه على سبيل المثال قد ذكر كثيرًا من أحاديث أربعين الودعانية، وقد ذكر مخرجو الأحاديث أمثال السيوطي والصنعاني والمزني والفتني أن أحاديث الكتاب المذكور موضوعة سرقها ابن ودعان من واضعها زيد بن رفاعة، ويقولون أيضًا: إن كثيرًا من أحاديث أبي سعيد الخاصة بالوصية لعلي ولأبي هريرة موضوعة وقد استخدم ابن عربي بعض تلك الأحاديث في كتاب الوصايا في الجزء الرابع من الفتوحات.
وفي هذا الصدد أصرح وأقول: إنني لم أنقل حديثًا ولم أستخدمه في هذا الكتاب دون البحث والتخريج، وقد استعنت في ذلك بتخريج الحافظ العراقي لأحاديث إحياء علوم الدين والإمام السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة والفتني في تذكرة الموضوعات وغير هؤلاء من المحدثين، فما قال أحد من هؤلاء: إنه حديث موضوع أو ضعيف لم آخذ به وكان رعايتي في ذلك لصحة المتن أكثر من رعايتي لصحة السند.
ولا أريد هنا أن يفوتني التذكير بأنني لا أريد بهذا النقد التنقيص من قيمة رجالنا أو إساءة الظن بهم وإزالة الثقة عنهم، وإنما كل ما أريده هو عدم الاعتماد عليهم كلية في نقل الأحاديث وصحتها، وألا نتخذ آراءهم في ذلك واستخدامهم لها حجة ومعيارًا للصدق والصحة، حتى نستطيع أن نتجنب الأخطاء التي وقعوا فيها.
وهكذا نستطيع أن نقدم الفلسفة الإسلامية الخالصة وأن نعالح مشكلاتنا المعاصرة عن طريق هذه الفلسفة التي نريد لها أن تسهم في حل مشكلاتنا خاصة والمشكلات الإنسانية عامة، وعند ذلك نكون قد خدمنا الإسلام وخدمنا مجتمعنا الإسلامي بوجه خاص والمجتمعات الإنسانية بوجه عام، ولهذا كله قلت:
لا بد من أن يكون الإسلام هو البداية وهو النهاية في الوقت نفسه.
هذا هو منهجنا بإيجاز في تقديم التفكير الإسلامي في المجالات المختلفة، يبدو هذا المنهج لأول وهلة غير ذي أهمية إذا لم يمعن المرء النظر والفكر فيه، إلا أن له في نظري أهمية كبيرة؛ لأنه يؤدي عند التطبيق إلى نتائج عظيمة القيمة في
حياتنا الفكرية والعملية إذ إنه يؤدي عندئذ إلى إبراز الفلسفة الإسلامية الصافية بصورة واضحة ذات قيمة عظيمة بين الفلسفات والتيارات الفكرية المعاصرة وستثبت قدرتها على معالجة المشكلات الإنسانية الأساسية أكثر من أية فلسفة أخرى.
ولم يكن هذا المنهج مجرد خاطرة طافت بذهني فأسرعت إلى تسجيلها، بل كان نتيجة تأملات طويلة كنت أقضيها في الدراسات الفلسفية ونتيجة لما كنت أقوم به من مقارنات بين التفكير الإسلامي وتفكير الفلاسفة عمومًا، وقد زاد تحمسي لدراسة الفكر الإسلامي لما رأيت فيه من حقائق وخصائص كبرت في عيني فبدأت أنساق إليه وأندفع، فساقني إداركي لتلك الحقائق والخصائص من النظر إلى العمل ودفعني من التفكير إلى التطبيق.
(يتبع .....انتظرونافي التطبيق).
موضوع اليوم كان طويلا
لكن لم يكن يجوز فيه التجزئة
شكرا لمن تعنى وقراء..
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين..
#اسعد_الله_اوقاتكم_بكل_خير
#علم_الاخلاق_الاسلامية
#معا_نرتقي_علي_العمري
تعليقات
إرسال تعليق