العطل و العمل
العمل والعطل...
إن العمل ليس عيباً.
في أميركا يشتغل الطلاب، حتى الأغنياء منهم، في العطلة الصيفية بالخدمة في المطاعم والعمل في المصانع.
فلماذا يبقى شبابنا مدة العطل (وهي ربع السنة أو ثلثها) بلا عمل فيتعوّدوا الكسل والبطالة، أو يقرؤوا روايات، أو يروا الأفلام ، أو يتطيّبوا ويتعطروا ويتبختروا كل مساء في الاسواق والمنتزهات يراقبون المارّين والمارّات، أو يشتغلوا بما لا ينفعهم ولا يعود عليهم بمصلحة؟
ولماذا نهدر وقتنا بالضار ولا نهتم بالنافع؟
لماذا لا نوسّع النشاط المدرسي فنؤلّف لجاناً للشباب تبدأ في كل مدرسة ثم يكون منها اتحاد أوسع، ثم تجمع هذه «الاتحادات» حتى يكون في كل بلد لجنة مركزية واحدة للشباب تعلّمهم التعاون والجِد وحمل المسؤوليات، وتقوي أجسامهم بالرياضة وعقولهم بالمحاضرات وأرواحهم بالسلوك الخلقي القويم، وتشارك في الأعمال العامة النافعة؟
تصوّروا لو أن طلاب مدرسة واحدة خرجوا في مواكب إلى أطراف المدينة حيث الأرض الفضاء، فأخذ كل واحد منهم شجرة فغرسها هناك وأمضوا يوماً في لعب وتسلية ونشاط وصحة، لأقاموا في يوم واحد بستاناً للأمة فيه عشرة آلاف شجرة، يتولونه أبداً بالرعاية.
(انتبهوا، فأنا أقول الطلاب فقط لا الطالبات).
وتصوروا لو أخذ كل طالب من بيته رغيفين أو ثوباً قديماً، وخرجت مواكبهم فدارت على حارات الفقراء والمساكين، فوزعوها وقضوا يوماً بينهم في مواساة ومشاركة لهم في حياتهم.
كم يكون أثر ذلك في نفوسهم وفي نفوس هؤلاء المساكين؟
والحكومة تحتاج إلى مشروعات كثيرة، تحتاج إلى آلاف من الشباب طوال أيام العام، وفي النوازل والنكبات، فلو كان هنا لجان للطلاب واستعانت بهم على ما تريد من الخير لحققت في يوم واحد وبلا نفقات ما لا يمكن تحقيقه في المدة الطويلة وبالنفقات الكثيرة، عدا عمّا في ذلك من تعويد الطلاب حياة العمل والتعاون وإبعادهم عن مواطن الزلل والضعف والبطالة.
ولكل لجنة من هذه اللجان في أميركا مستشارون من الرجال الكبار يختارهم الشباب بأنفسهم، وهؤلاء المستشارون يَعلمون بأن مهمتهم هي العمل مع الشباب لا الأمر والنهي فيهم، ومنهج هذه اللجان يوصي المستشار بأن يعرض نصحه في الاجتماع بصراحة فإذا لم توافق اللجنة عليه فلا داعي للأسف ولا للغضب.
إذن نحن نبحث عن وجهة الخير لشبابنا وصرفهم عن العبث واللهو والبطالة والشغب، ثم شغلهم بالأعمال النافعة التي لا يحصيها العد.
وإنشاء مخيمات في الصيف ونواد في الشتاء.
وليكن عملها المساهمة في كل مشروع عام، وتهيئة عمل في الصيف لمن يحب أن يعمل من الشباب فيساعد بما يحصله نفسه وأهله.
والشرط الأول والأخير في هذا كله أن يكون هذا العمل لله وحده، لا يُستغَلّ لمصلحة حزب ولا هيئة ولا مذهب ولا جماعة، وأن يقوم على صحة الأجساد بالرياضة وتنمية العقول بالمحاضرات وتصفية الأرواح بالعبادة والذكر وبث روح التعاون وتعويد الشباب حمل التبعات، وأن تحبب إليهم الحياة الاستقلالية لا الحياة الاتكالية، وأن يعلموا أن العمل ليس عيباً ولو كان كنس الشوارع، ولكن العيب أن يكون الشاب من أهل البطالة أو يكون من أهل الفسوق وأن يكون كلاً على أبويه وهو يستطيع أن يشتغل، وأن يقتصر على الشباب فقط فلا يكون وسيلة للاختلاط ولا يكون باباً للفساد.
قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة التوبة 103 - 105]
صدق الله العظيم
إنَّ الله ﷻ يُعطي العبد على نيّتهِ ،مالا يُعطيه على عملهِ ، لأن النيّة لا ريآء فيها.
اللهم اهدنا الى سواء السبيل..
وانفع الامه بشباب المسلمين..
اسعد الله اوقاتكم بكل خير
# مع الناس
# معا نرتقي
تعليقات
إرسال تعليق