برقية عاجلة

أعلم أن المرء كالنبات، يعيش بنفسه وبالأرض التي يمتص غذاءه منها، والماء الذي يطفئ ظمأه به،والجو الذي يتنفس هواءه، فإذا نقلته إلى أرض غيرها بدلته التربة التي انتقل إليها والجو الذي صار إليه، ما لم يكن من النباتات التي أعطاها الله من القوة والتمكن ما يمنع عنها هذا التغيير والتبديل، وذلك أندر من النادر وأقلّ من القليل.

واعلم أن لكل رفيق ترافقه، وكل مكان تحله، وكل كتاب تقرؤه، وكل رأي تسمعه، لكلٍّ من ذلك أثر في نفسك، لا تحس به لكنه موجود كالبذرة الصغيرة في الأرض.

بذرة زيتون مثلاً، لا يراها أحد ولا يلتفت إليها، ولكنها تصير يوماً شجرة تضطر كل من يمر بها إلى أن يراها.

وتبقى مئة سنة على حين يظن من ألقاها أنه نبذها ورماها.

لذلك قال ابن عطاء الله السكندري: «لا تمكّنْ زائغَ القلب من أذنيك، فإنك لا تدري ما يعلق بهما منه».

أُخَيّ! عِندي مِنَ الأيّامِ تجْرِبة ٌ،
فِيمَا أظُنُّ وعِلْمٌ بارِعٌ شافِ

لاَ تمشِ فِي النَّاسِ إلاَّ رحْمَة ً لَهُمُ
وَلا تُعامِلْهُمُ إلاّ بإنْصَافِ

واقطعْ قُوَى كُلّ حِقْدٍ أنْتَ مضمِرُهُ
إنْ زَالّ ذو زَلّة ٍ، أوْ إنْ هَفا هافِ

وَارْغَبْ بنَفْسِكَ عَمّا لا صَلاحَ لهُ،
وَأوْسِعِ النّاسَ مِنْ بِرٍ، وَإلْطافِ

وإنْ يَكُنْ أحدٌ أوْلاَكَ صالحَة ً
فكافِهِ فَوْقَ ما أوْلى بأضْعافِ

ولاَ تكشِّفْ مسيئاً عنْ إساءَتِهِ
وَصِلْ حِبالَ أخيكَ القاطعِ، الجافي

فتستّحقَّ منَ الدُّنيَا سَلاَمَتَهَا
وَتَسْتَقِلَّ بعِرْضٍ وافِرٍ، وَافِ

ما أحسَنَ الشّغلَ في تَدبيرِ مَنفَعَة ٍ،
أهلُ الفَراغِ ذوُو خوْضٍ وَإرْجافِ

وثق ثقةً تامة أن الله مطلع على سريرتك وعلى ما في قلبك، واعلم أن نظر الله إليك في كل مجلس وفي كل مكان، فحاول أن تفهم وتضبط كل كلمة وكل عبارة وكل جملة، وتعلم فالعلم تسمو به الأرواح والأنفس.

طيب الله جمعتكم بذكره وشكره..
اسعدكم الله في الدنيا والاخرة

# مع الناس
#معا_نرتقي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة