فضائل قيام الليل 1

فضل قيام الليل

دل حديث أبي هريرة رضي الله عنه على أنه أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل
وهل هو أفضل من السنن الراتبة فيه خلاف سبق ذكره وقال ابن مسعود رضي الله عنه: فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية وخرجه الطبراني عنه مرفوعا والمحفوظ وقفه

وقال عمرو بن العاص: ركعة بالليل خير من عشر بالنهار خرجه ابن أبي الدنيا وإنما فضلت صلاة الليل على صلاة النهار لأنها أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص.

كان السلف يجتهدون على إخفاء تهجدهم قال الحسن: كان الرجل يكون عنده زواره فيقوم من الليل يصلي لا يعلم به زواره وكانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوت وكان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليلته وهي لا تشعر وكان محمد بن واسع يصلي في طريق الحج طول ليله ويأمر حاديه أن يرفع صوته ليشغل الناس عنه وكان بعضهم يقوم من وسط الليل ولا يدري به فإذا كان قرب طلوع الفجر رفع صوته بالقرآن يوهم أنه قام تلك الساعة ولأن صلاة الليل أشق على النفوس فإن الليل محل النوم والراحة من التعب بالنهار فترك النوم مع ميل النفس إليه مجاهدة عظيمة.

قال بعضهم: أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس ولأن القراءة في صلاة الليل أقرب إلى التدبر فإنه تنقطع الشواغل بالليل ويحضر القلب ويتواطأ هو واللسان على الفهم كما قال تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)
[سورة المزمل 6]

ولهذا المعنى أمر بترتيل القرآن في قيام الليل ترتيلا ولهذا كانت صلاة الليل تنهاه عن الإثم كما يأتي في حديث خرجه الترمذي وفي المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: إن فلانا يصلين الليل فإذا أصبح سرق؟ فقال: "سينهاه ما تقول".

ولأن وقت التهجد من الليل أفضل أوقات التطول بالصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو وقت فتح أبواب السماء واستجابة الدعاء واستعراض حوائج السائلين.

وقد مدح الله تعالى المستيقظين بالليل لذكره ودعائه واستغفاره ومناجاته فقال الله تعالى:
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة السجدة 16 - 17]

وقال الله تعالى:

(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)
[سورة آل عمران 17]

وقال الله تعالى: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)
[سورة الذاريات 17 - 18]

وقال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)
[سورة الفرقان 64]

وقال الله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)
[سورة الزمر 9]

وقال تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)
[سورة آل عمران 113]

وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)
[سورة اﻹسراء 79]

وقال تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا)
[سورة اﻹنسان 26]

وقال تعالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)
[سورة المزمل 1 - 4]

قالت عائشة رضي الله عنها لرجل: "لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض أو قالت: كسل صلى قاعدا" ..

وفي رواية أخرى عنها قالت: بلغني عن قوم يقولون: إن أدينا الفرائض لم نبال أن لا نزداد ولعمري لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم ولكنهم قوم يخطئون بالليل والنهار وما أنتم إلا من نبيكم وما نبيكم إلا منكم والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل ونزعت كل آية فيها قيام الليل فأشارت عائشة رضي الله عنها إلى قيام الليل فيه فائدتان عظيمتان:
الإقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي به وقد قال الله عز وجل: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)
[سورة اﻷحزاب 21]
وتكفير الذنوب والخطايا فإن بني آدم يخطئون بالليل والنهار فيحتاجون إلى الإستكثار من مكفرات الخطايا وقيام الليل من أعظم المكفرات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: "قيام العبد في جوف الليل يكفر الخطيئة" ثم تلا: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة السجدة 16 - 17]
خرجه الإمام أحمد وغيره.

وقد روي أن المتهجدين يدخلون الجنة بغير حساب وروي عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق سيعلم الخلائق اليوم من أولى بالكرم ثم يرجع فينادي: أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون وهم قليل ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء فيقومون وهم قليل ثم يحاسب سائر الناس" خرجه ابن أبي الدنيا وغيره.
ويروى عن شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله ويروى أيضا من حديث أبي اسحاق عن عبد الله بن عطاء عن قبة بن عامر مرفوعا وموقوفا...

للحديث تتمة يتبع بإذن الله....

يرجى التنبيه في حال الخطأ او النسيان...

من كتاب لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله واسكنه الفردوس الاعلى.

#علي_العمري_معا_نرتقي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة