وصايا اخويه
لا يخدعنك من إنسان شكواه من الفساد؛ فقد يكون هو من أكبر أسبابه،
ولا يخدعنك منه تحامله على المفسدين؛ فقد يكون هو من أساطينهم،
ولا يخدعنك منه تأسفه على ضياع الدين؛ فقد يكون هو أول من أضاعه،
ولا يخدعنك منه ترحمه على المصلحين؛ فقد يكون هو أول من قضى عليهم.
والواقع يشهد بذلك انظر لمن حولك وستعرف ذلك..
احذر الذين تبكي على الحق أقلامهم وألسنتهم، وتبكي على الدنيا أهواؤهم ومطامعهم، احذرهم على دينك وعقلك؛ فإنهم رسل إبليس إلى الصالحين والأغرار والمغفلين.
واليك بعض الطبائع ...
طبيعة القوي الجور، فإذا عدل فلأمر ما،
وطبيعة الظالم القسوة، فإذا رحم فلأمر ما،
وطبيعة المستبد الغرور، فإذا تواضع فلأمر ما،
وطبيعة الملحد الفساد، فإذا صلح فلأمر ما،
وطبيعة الغني التبذير، فإذا اقتصد فلأمر ما،
وطبيعة المنافق الكذب، فإذا صدق فلأمر ما،
وطبيعة المخادع الخيانة، فإذا استقام فلأمر ما،
وطبيعة السياسي المداورة، فإذا صارح فلأمر ما،
وطبيعة الشباب الطيش، فإذا عقل فلأمر ما،
وطبيعة الجمال الفتنة، فإذا عف فلأمر ما،
وطبيعة عالم السوء الولع في الدنيا، فإذا زهد فيها فلأمر ما،
وطبيعة البدوي الجلفة، فإذا رق فلأمر ما.
وطبيعة المؤمن الاستقامة، فإذا انحرف فلأمر ما،
وطبيعة العالم النصح، فإذا نافق فلأمر ما،
وطبيعة العابد الزهد، فإذا حرص فلأمر ما،
وطبيعة الشجاع السخاء، فإذا بخل فلأمر ما،
وطبيعة الداعية الإخلاص، فإذا راءى فلأمر ما،
وطبيعة المصلح التضحية، فإذا استأثر فلأمر ما،
وطبيعة الرجل التجلد، فإذا خار فلأمر ما،
وطبيعة المرأة الحنان، فإذا قست فلأمر ما،
وطبيعة الشيخ الحكمة، فإذا جهل فلأمر ما،
وطبيعة المتزوج العفة، فإذا فسق فلأمر ما،
وطبيعة الأب الحب، فإذا
أبغض فلأمر ما،
وطبيعة الحضري الرقة، فإذا جلف فلأمر ما.
فائده
روي عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجل فذكر عنده وشاية في رجل آخر فقال عمر: إن شئت حققنا هذا الأمر الذي تقول فيه وننظر فيما نسبته إليه.
فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} وإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية: {هماز مشاء بنميم} وإن شئت عفونا عنك فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدا.
وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أوحى الله إلى داود عليه السلام: يا داود، بشر المذنبين، وأنذر الصديقين، فتعجب داود عليه السلام، فقال: يا رب، فكيف أبشر المذنبين وأنذر الصديقين؟! قال الله تعالى: يا داود، بشر المذنبين ألا يتعاظمني ذنب أغفره، وأنذر الصديقين إلا يعجبوا بأعمالهم، فأني لا أضع حسابي على أحد إلا هلك. يا داود، إن كنت تزعم أنك تحبني فأخرج حب الدنيا من قلبك، فان حبي وحبها لا يجتمعان في قلب واحد. يا داود، من أحبني، يتهجد بين يدي إذا نام البطالون، ويذكرني في خلوته إذا لها عن ذكري الغافلون، ويشكر نعمتي عليه إذا غفل عني الساهون".
تعليقات
إرسال تعليق