الاخوان
إن العاقل لا يعدل بالإخوان شيئا فالإخوان هم الأعوان على الخير كله، والمؤاسون عند ما ينوب من المكروه.
وإنما العاقل ينبغي له أن يلتمس ما يجد إليه سبيلا، ويترك التماس ما ليس إليه سبيل.
فإن العاقل لا يخفي فضله، وإن هو أخفاه؛ كالمسك الذي يكتم ثم لا يمنعه ذلك من النشر الطيب والأرج الفائح.
إن العقلاء الكرام لا يبتغون على معروف جزاء،
والمودة بين الصالحين سريع اتصالها بطيء انقطاعها.
ومثل ذلك مثل الكوز من الذهب: بطيء الانكسار، سريع الإعادة، هين الإصلاح، إن أصابه ثلم أو كسر.
والمودة بين الأشرار سريع انقطاعها، بطيء اتصالها.
ومثل ذلك مثل الكوز من الفخار سريع الانكسار ينكسر من أدنى عيب ولا وصل له أبدا.
والكريم يود الكريم واللئيم لا يود أحدا إلا عن رغبة أو رهبة
إن أهل الدنيا يتعاطون فيما بينهم أمرين ويتواصلون عليهما وهما ذات النفس، وذات اليد.
فالمتباذلون ذات النفس هم الأصفياء، وأما المتباذلون ذات اليد فهم المتعاونون الذين يلتمس بعضهم الانتفاع ببعض.
ومن كان يصنع المعروف لبعض منافع الدنيا فإنما مثله فيما يبذل ويعطى كمثل الصياد وإلقائه الحب للطير، لا يريد بذلك نفع الطير وإنما يريد نفع نفسه.
فتعاطى ذات النفس أفضل من تعاطي ذات اليد.
خيرُ أيَّامِ الفتَى يومٌ نَفَعْ
وَاصطِناعُ الخَيرِ أبْقَى ما صَنَعْ
وَنَظِيرُ المَرْءِ، في مَعرُوفِهِ،
شَافِعٌ بَتَّ إليْهِ فشَفَعْ
مَا ينالُ الخَيْرُ بالشَّرِّ ولاَ
يَحْصِدُ الزَّارِعُ إلاَّ مَا زَرَعْ
ليْسَ كلُّ الدَّهْرِ يوماً واحداً
رُبّما ضَاقَ الفَتى ثمّ اتّسَعْ
خُذْ مِنَ الدّنْيا الذي دَرّتْ بهِ،
وَاسْلُ عَمّا بانَ منْها، وَانقَطَعْ
إنّمَا الدّنْيا مَتَاعٌ زائِلٌ،
فاقْتَصِدْ فيهِ وخُذْ مِنْهُ وَدَعْ
وَارْضَ للنّاسِ بمَا تَرْضَى بهِ،
واتبعِ الحقَّ فنِعْمَ المُتَّبَعْ
تعليقات
إرسال تعليق