مفهوم الأخلاق في الاتجاه الاسلامية 2

سمى البعض الأخلاق بأنها علم الواجب أي:
أنها علم يعرف الإنسان الواجبات كما يجب أن يفعلها ومن ثم كان إطلاق الأخلاق على الدين في اللغة كما سبق، وفي الاصطلاح أحيانا كما بينا، ومن هنا يدخل العبادات في إطار الواجبات.

وليس هذا الفهم الذي عرضناه مفروضا على الإسلام أو غريبا عنه، بل روح الإسلام فإن هذه الروح روح أخلاقية، وهدف الإسلام في الحياة تحقيق غاية أخلاقية هذه روح نجدها في كل جانب من جوانب الإسلام، نجدها في جانب العقيدة،
كما جاء في الحديث، فقال الرسول: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا"،
وقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ،
وقال أيضا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" .

ثم إن الإسلام اعتبر الإيمان برا فقال تعالى:

(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)
[سورة البقرة 177]

ومعلوم أن البر صفة للعمل الأخلاقي أو هو جامع لأنواع الخير، كما يقول بعض العلماء.

وقد بين الرسول أن من لم يتخلق بالأخلاق الحسنة لا يقبل الله منه الإيمان والدين، فقال: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" .

وأخلاقية الإيمان تتضح من ناحيتين:

الأولى: باعتباره عملا، ذلك أن الأعمال إما داخلية وإما ظاهرية، والإيمان من النوع الأول، ولهذا فقد نص الرسول نفسه على أن الإيمان عمل فقال عندما سأله رجل، أي العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله وجهاد في سبيله" .
لأنه عمل إيجابي من أعمال القلب،
الناحية الثانية: أن الإيمان في حقيقته عمل القلب بالاعتراف بالحقيقة الإلهية والاعتراف
بالحقيقة فضيلة، وعدم الاعتراف بها مكابرة، وهي خروج على الخلق الحسن، ولهذا فقد وصف الله الكافرين بالتكبر في كثير من الآيات، كما وصف الشرك بالظلم؛
لأنه يشرك غير المنعم بالمنعم في الإجلال والتعظيم،
ولهذا يقول "رنيه مونييه": إن الإيمان ليس على الصعيد المنطقي بل على الصعيد الأخلاقي؛ لأنه ينتمي إلى واجب البحث عن الحقيقة
وهو اعتراف أيضا بإنعام المنعم والاعتراف بالفضل وهو أخلاق، ولهذا بين الله في الآية السابقة "أن الإيمان به بر"؛ لأنه من أعمال القلوب الإيجابية الأخلاقية، ثم الشكر على هذا واجب وأداء الواجب أخلاق.

ومن هنا نجد أن روح العبادة روح أخلاقية في جوهرها؛ لأنها أداء الواجبات الإلهية، ولهذا نجد الاتجاه الأخلاقي سائدا في جميع العبادات، ففي الصلاة قال تعالى:

(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
[سورة العنكبوت 45]

وبين الرسول أن من لم يتخلق لا يقبل الله منه الصوم، فقال: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" ،

وقال تعالى في الحج:

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)
[سورة البقرة 197]

وقال أيضا في الأضحية:

(لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)
[سورة الحج 37]

وقال في الزكاة:

(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
[سورة التوبة 103]

وقد ذكر للرسول مرة أن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار".

(للموضوع بقية يتبع بإذن الله انتظرونا......)

اسعد الله اوقاتكم بكل خير
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين..

▪اختر أصدقائك بعنايه فالأعداء سيختارونك -بابلو بيكاسو

#علم_الأخلاق_الإسلامية
#معا_نرتقي_علي_العمري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة