مفهوم الأخلاق الإسلامية 4
نجد مقاصد الشريعة مقاصد أخلاقية.
لذا من الممكن تفسير النظام التشريعي في ضوء النظرية الأخلاقية أو في ضوء هذه الروح الأخلاقية، ويؤيدنا في هذه الفكرة نصوص كثيرة لا حصر لها، من ذلك قوله تعالى:
(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّىٰ)
[سورة طه 74 - 76]
ومنها قول الرسول: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما حرم الله"، وفي رواية "والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه" متفق عليه،
وقال الرسول أيضا: "من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا" .
ومما يدل على ما نقول فهم بعض أهل الشريعة أن جوهر الشريعة يكمن في تحقيق الخير ودفع الشر، يتبين ذلك لنا عندما نرى البعض عند محاولة سرد القواعد الأصولية واختصارها، فحصرها البعض في قاعدتين
الأولى: جلب المصلحة
والثانية: دفع المفسدة
واختصرها البعض في قاعدة واحدة وهي تحقيق المصلحة أو جلب المصلحة، وذلك على أساس أن جلب المصلحة أو تحقيقها يقتضي دفع المفسدة والمضرة.
والشريعة تحاول تحقيق روح الأخلاق بالتشريعات الملزمة لدفع الناس إلى طريق الخير والفلاح وردعهم عن طريق الشرور والمفاسد، ولا تتحقق للإنسان السعادة إلا بذلك، ولهذا الأمر بالمعروف وهو الخير والنهي عن المنكر وهو الشر واجب.
وهكذا نجد أن الإسلام قد ربط بين جوانب الإسلام برباط أخلاقي لتحقيق غاية أخلاقية، وأصدق دليل على ذلك قوله تعالى:
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)
[سورة البقرة 177]
وأصحاب الخلق هم هؤلاء الذين يؤدون تلك الواجبات السابقة، وقد فهم هذه الروح الأخلاقية في الإسلام "أكثم بن صيفي" أحد حكماء العرب الذي قال عندما دعا قومه إلى الإسلام: "إن الذي يدعو إليه محمد لو لم يكن دينا لكان في أخلاق الناس حسنا".
وبعد هذا كله لا نبالغ إذا قلنا:
إن الأخلاق في الإسلام بالمفهوم السابق هي روح الرسالة الإسلامية، وإن النظام الإسلامي التشريعي يعد صورة مجسمة لهذه الروح.
وبعد هذه التحليلات والتحديدات لمفهوم الأخلاق في نظر الإسلام يمكننا أن نجمل هذا المفهوم بأن
"الأخلاق الحسنة هي أنماط السلوك الحسن الخير والمعروف في الحياة"
سواء كان هذا السلوك ظاهرا أو باطنا يصدر من الإنسان بإرادة ويهدف إلى تحقيق غاية، وهذا الفهم ليس غريبا على الاستعمال اللغوي والفلسفي، بل يدخل في إطار نظرة الإسلام توسيعا لإطار استعمالها اللغوي والفلسفي، ومن ثم فإن معالجتنا لهذا الموضوع ستقتصر على المعالجة النظرية وسوف أحاول فيها بقدر المستطاع الكشف عن الأصول الفكرية لفروع الأخلاق الإسلامية المختلفة وبيان فلسفته فيها، كما أحاول أحيانا معالجة بعض المشكلات المعاصرة لأضرب مثالا عمليا لإمكان معالجة مشكلاتنا المعاصرة المتعلقة بالأخلاق أو النابعة من الانحرافات الخلقية.
وعلى ذلك يكون مفهوم الأخلاق السيئة هي أنماط سلوك الشر والقبيح والمنكر، وينبغي أن نعرف أن هناك أنواعا ومستويات من الخيرات الظاهرة والباطنة والخيرات المادية والمعنوية والاجتماعية والصحية.
كما أن هناك أنواعا ومستويات من الشرور الظاهرة والباطنة والشرور المادية والمعنوية والاجتماعية، انظر إلى تفصيلات ذلك في كتاب "طريق السعادة".
(تم مفهوم الأخلاق في الاتجاه الإسلامي
موضوعنا القادم بإذن الله
غاية الأخلاق..انتظرونا
لاتنسونا من صالح دعائكم)
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين
اسعد الله اوقاتكم بكل خير..
#علم_الأخلاق_الإسلامية
#معا_نرتقي_علي_العمري
(لمن اراد الرجوع للموضوع كاملا قم بزيارتنا على هذا الرابط👇🏻)
http://shortcakeali.blogspot.com/?m=1
تعليقات
إرسال تعليق