إتجاه الإسلام في غاية الأخلاق
ليس ما نقول هنا مجرد دعوى بدون دليل، أو فكرة مفروضة على الإسلام بل إنها مستوحاة من روح الإسلام وفلسفته، إذ أنا نجد في الإسلام أسانيد لها، ففيما يتعلق بأثر العقيدة الراسخة في سعادة الفرد، قال الرسول: "إن الله عز وجل بحكمته وجلاله جعل الروح والفرح في الرضا واليقين، وجعل الغم والحزن في الشك والسخط" . (أخرجه الطبراني من منتخب كنز العمال هامش مسند الإمام أحمد جـ١ ص ٢٥٧ حديث ابن مسعود، انظر تخريج العراقي في هامش الإحياء جـ٤ص٣٤٧.)
ولهذه العقيدة أثر آخر وهو: حلاوة طمأنينة القلب
ولهذا قال إبراهيم -عليه السلام- ليطمئن قلبي،
قال تعالى
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
[سورة البقرة 260]
ولها أثر ثالث وهو: حلاوة الإيمان الناشئ عن محبة، ولهذا قال الرسول: "ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان جـ١ ص٩ عيسى البابي الحلبي)،
ولصحة العقل وسعادته اتخذ الإسلام طريقين:
طريق الوقاية وطريق التنمية.
ففي الطريق الأول حرم على الإنسان تناول كل ما يخدر العقل ويضره
وفي الطريق الثاني دعا إلى تحقيق مطالبه من النظر والمعرفة والحكمة، ولم يكتف بمجرد الدعوى إلى ذلك فحسب، بل زوده بمعرفة كثيرة من أسرار الكون والحياة وعلم الغيب، علم ما وراء هذا الكون، وهم العلم الذي ما كان يستطيع العقل الإنساني أن يصل إليه وحده، وصدق الله العظيم إذ قال:
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)
[سورة البقرة 151]
حقا ليس في قدرة الإنسان أن يعلم أو يدرك ما وراء هذا الكون وما وراء هذه الحياة، ونحن نعلم مدى حيرة الفلاسفة الذين حاولوا أن يعلموا من ذلك شيئا عن طريق البحث النظري، وذلك مع عظم عقولهم ومع ما بذلوا من مجهودات ضخمة، ومع قصور الإنسان في هذا العلم فإنه دائم التساؤل عنه طوال تاريخه الطويل.
وكأن هناك دافعا وراء العقل الإنساني يدفعه إلى هذا التساؤل الدائم وهذا البحث المستمر، وربما كان هذا فطرة إلهية أودعها فيه منذ خلقه، ليعرف الإنسان أن هذا الوجود ليس هو هذه المحسوسات فقط، بل إنه أوسع وأكبر مما ندركه بحواسنا الظاهرة، ومهما كان من أمر فإن الإسلام قد أتى في هذا العلم بما يشفي غليل الإنسان ويكفيه التساؤل ويحفظه من الزلل والتيه، ويريحه من عناء البحث ومشقته، ومن ثم يطمئن عقله إلى ما جاء به الإسلام في هذا الميدان.
وفيما يتعلق بالأمن الداخلي فقد دعا الإسلام إلى بعض الأمور التي تحقق هذا الأمن منها: ذكر الله دائما؛ لأن القلوب تطمئن بذكرالله،
(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
[سورة الرعد 28]
. ومنها دعوته إلى أن يكون الله ملجأ الإنسان في السراء والضراء، والمستعان الذي يستطيع معاونة الإنسان ونصره وتأييده وهو يكلؤه ويحفظه إذا سلك طريقه وكسب رضاه ومحبته، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث قدسي: "إن الله عز وجل قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى ما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر
به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأن أكره مساءته" ( الأحاديث القدسية جـ١ ص ٨١، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة)
ونتيجة الاطمئنان إلى رعاية الله ونصره فلا يصيب هذه النفوس خوف ولا فزع عند المصائب والشدائد:
قال تعالى
(أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)
[سورة يونس 62 - 63]
وأما تحقيق الأمن الخارجي فإن النظام الأخلاقي الذي وضعه الإسلام يكفل للفرد الأمن الخارجي(هذا ما سنتحدث عنه في المرة المقبلة بإذن الله انتظرونا.....يتبع)
▪عليك أن تصدق أن أهدافك قابلة للتحقق فعندما تؤمن حقا بذلك فأن عقلك يبحث عن وسائل وطرق تجعلها تتحقق
الايمان أن هناك حل يمهد الطريق لهذا الحل لكى يتحقق...
#علم_الأخلاق_الإسلامية
#معا_نرتقي_علي_العمري
تعليقات
إرسال تعليق