الأمن الخارجي في الاتجاه الاسلامية 3

◼نتحدث عن الأمن الخارجي في الاتجاه الاسلامية
وقد تكلمنا سلفا عن
🔲الأمر الأول الوقاية من الأمراض
🔲الأمر الثاني تحقيق المطالب الأساسية
▪القسم الأول الحاجات الروحية
▪القسم الثاني الحاجات الحسية
(وهو موضوعنا اليوم)

الحاجات الحسية الأساسية في الإنسان -مثل: المأكل والمشرب والجنس والملبس والمسكن وما إلى ذلك- فهي ضرورية أيضا لدوام الحياة أولا وللشعور بالسعادة ثانيا.
ولهذا فقد أباح الإسلام كل ما يحتاج إليه الإنسان بالضرورة، وحرم كل شيء يضر الصحة، وقد سمي الأول بالطيب والثاني بالخبيث
قال تعالى
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
[سورة اﻷعراف 157]

وكيف يحرم الطيبات وهو الذي خلقها رزقا للعباد

(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
[سورة اﻷنعام 141]

(وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ ۖ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ)
[سورة ق 9 - 11]

وليس لمجرد الرزق فحسب بل للمتعة، للتفكر للتأمل ولهذا قال تعالى:

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)
[سورة عبس 24 - 32]

وأباح النكاح للحاجة البيولوجية وللمتعة النفسية:

(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
[سورة الروم 21]

، وخلق الله أشياء لنصنع منها لباسا نحمي به أنفسنا من حر الشمس وبرد الشتاء:
قال تعالى
(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ)
[سورة النحل 80]

إذن لا مانع من أن نهتم بحاجاتنا الأساسية لنسعد في حياتنا، ولهذا قال الرسول: "من سعادة ابن آدم ثلاثة ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء" ( مسند الإمام أحمد جـ١ ص ١٦٨)

وقال أيضا: "ثلاث خصال من سعادة المرء المسلم في الدنيا، الجار الصالح والمسكن الواسع والمركب الهنيء" ( رواية سعد بن أبي وقاص، الجامع الصغير جـ١ ص ١٣٧)

ذلك أن هذه الأمور بالإضافة إلى ضرورتها فإن الإنسان مقارن لها بالاستمرار فإذا كانت غير مريحة شعر بالضيق والحرج والألم، إذن ينبغي أن يهتم الإنسان بأن يختار مما يحتاج إليه أحسنه وأفضله ليسعد نفسه ويريح باله.

ولم يراع الإسلام حاجة الإنسان التي بها قوام حياته ودوامها فحسب بل لفت نظره إلى العناصر الجميلة في الكون التي خلقها الله للزينة والمتعة ليشبع بها العاطفة الجمالية، ولهذا كرر دعوته مرارا إلى النظر إلى زينة السماء

(وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ)
[سورة الحجر 16]

وإلى زينة الحدائق وأنواع الأشجار والنبات
(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)
[سورة ق 7 - 8]

وجمال الحيوانات والدواب

(وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ۚ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
[سورة النحل 5 - 8]

وهكذا نجد أن الإسلام يقرر للإنسان حياة مادية حسنة يحقق مطالبه، وهذا مما لا شك فيه يمثل جزءا من سعادة الإنسان في هذه الحياة، وصلة تحقيق الحاجات بالأخلاق أن حرمان الإنسان نفسه من حقه ظلم كظلم غيره، والظلم مناف للأخلاق.

غير أنه توجد هنا ملاحظة لا ينبغي أن نغفلها وهي:
أننا نجد هناك نصوصا إسلامية أخرى تذم الحياة الدنيا وطلاب هذه الحياة، ولكن لا ينبغي أن نظن وجود تناقض بين تلك النصوص، كما قد يبدو للنظرة السطحية، وإنما هذا الانقسام الظاهري من نظرة الإسلام إلى الحياة المادية من زاويتين مختلفتين؛
لأنه يريد بذلك أن يكشف لنا عن منهجه في الحياة وفلسفته فيها، وربما كان انقسام النصوص بهذا الشكل حول الحياة المادية، وإذا شرحنا الزاويتين السابقتين بدا لنا موقف الإسلام من هذه الحياة بوضوح. (هذا ما سنتحدث عنه في المرة القادمة بإذن الله....انتظرونا )

اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين واشف مرضانا ومرضى المسلمين اللهم امين

▪الكتب لا تزرع الحكمة حيث لم تكن موجودة، ولكن قرائتها تضيف للحكمة إن وجدت" - جون هارينغتون

اسعد الله اوقاتكم بكل خير
#علم_الأخلاق_الإسلامية
#معا_نرتقي_علي_العمري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة